Ravel Time
ماذا يجب ان نفعله في رمــــــــضــــــــــــــــــــان؟ 37I21018

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

Ravel Time
ماذا يجب ان نفعله في رمــــــــضــــــــــــــــــــان؟ 37I21018
Ravel Time
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم, أنت لم تقم بتسجيل الدخول بعد! يشرفنا أن تقوم بالدخول أو التسجيل إذا رغبت بالمشاركة في المنتدى

ماذا يجب ان نفعله في رمــــــــضــــــــــــــــــــان؟

2 مشترك

اذهب الى الأسفل  رسالة [صفحة 1 من اصل 1]

RMH-ALESLAM

RMH-ALESLAM
مدير المنتدى
مدير المنتدى

ماذا يجب أن نفعله في رمضان؟

شهر
رمضان عظيم مبارك، أنزل الله فيه القرآن هدى للناس وبيِّنات من الهدى
والفرقان، وجعل صومه ركناً من أركان الإسلام، وقيامه نافلة تزداد بها
الحسنات، وتكون سبباً في النجاة من النيران. ففي الصحيحين عن رسول الله صلى
الله عليه وسلّم أن «مَن صام رمضان إيماناً واحتساباً غُفِرَ له ما تقدَّم
من ذنبه، ومَن قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غُفِرَ له ما تقدَّم من
ذنبه»(1). مَن صام رمضان إيماناً، أي إيماناً بالله عز وجل، وإيماناً
بشريعة الله وقبولاً لها، وإذعاناً واحتساباً لثواب الله الذي رتَّبه على
هذا الصيام وكذلك القيام، فمن قام رمضان أو ليلة القدر متصفاً بهذين
الوصفين ـ الإيمان والاحتساب ـ غفر الله له ما تقدم من ذنبه، وإننا إذا
نظرنا إلى الماضي وجدنا أن هذا الشهر المبارك صارت فيه مناسبات عظيمة، يفرح
المؤمن بذكراها ونتائجها الحسنة.

المناسبة
الأولى: أن الله تعالى أنزل فيه القرآن، أي ابتدأ إنزاله في هذا الشهر
وجعله مباركاً، فتح المسلمون به أقطار الأرض شرقاً وغرباً، واعتزَّ
المسلمون به وظهرت راية الإسلام على كل مكان.

ولا
يخفى علينا جميعاً أن الخليفة الراشد عمر بن الخطاب رضي الله عنه أتي إليه
بتاج كسرى من المدائن إلى المدينة محمولاً على جملين، كما ذُكِرَ ذلك في
التاريخ، وضع بين يديه رضي الله عنه، لم ينقص منه خرزة واحدة، كل هذا من
عزَّة المسلمين وذلة المشركين ولله الحمد، وإننا لواثقون أن الأمة
الإسلامية سترجع إلى القرآن الكريم، وستحكم به، وستكون لها العزة بعد ذلك
إن شاء الله.

ولكن
لابدَّ لجاني العسل من قرص النحل، ولجاني الورد من الشوك، لابد أن يتقدم
النصر امتحان لمن قاموا بالإسلام والدعوة إليه، لأن الله تعالى قال في
كتابه: {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَـاهِدِينَ مِنكُمْ
وَالصَّـابِرِينَ} [محمد: 31]، وقال تعالى: {أَمْ حَسِبْتُمْ أَن
تَدْخُلُواْ الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُم مَّثَلُ الَّذِينَ خَلَوْاْ مِن
قَبْلِكُم مَّسَّتْهُمُ الْبَأْسَآءُ وَالضَّرَّآءُ وَزُلْزِلُواْ حَتَّى
يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ ءَامَنُواْ مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ
أَلاَ إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ } [البقرة: 214].

المناسبة
الثانية في هذا الشهر المبارك: غزوة بدر، وكانت غزوة بدر في السنة الثانية
من الهجرة، وكان سببها أن رسول الله صلى الله عليه وسلّم سمع أن عيراً
لقريش يقودها أبوسفيان قادمة من الشام إلى مكة، فلما علم بذلك ندب أصحابه
السريع منهم أن يخرجوا إلى هذه العير من أجل أن يأخذوها؛ لأن قريشاً
استباحت إخراج النبي صلى الله عليه وسلّم وأصحابه من ديارهم وأموالهم، ولم
يكن بينهم وبين النبي صلى الله عليه وسلّم عهد ولا ذمة، فخرج صلى الله عليه
وسلّم إلى عيرهم من أجل أن يأخذها، وخرج بعدد قليل، ثلاثمائة وبضعة عشر
رجلاً، لأنهم لا يريدون الحرب، ولكنهم يريدون أخذ العير فقط، فلم يخرجوا
إلا بهذا العدد القليل ومعهم سبعون بعيراً يعتقبونها وفَرَسَانِ فقط.

أما
أبوسفيان الذي كانت معه العير، فأرسل إلى أهل مكة يستحثهم، ليحموا عيرهم
ويمنعوها من رسول الله صلى الله عليه وسلّم، فخرج أهل مكة بحدِّهم وحديدهم
وكبريائهم وبطرهم، خرجوا كما وصفهم الله بقوله: {خَرَجُواْ مِن دِيَـارِهِم
بَطَراً وَرِئَآءَ النَّاسِ وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ وَاللَّهُ
بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ } [الأنفال: 47].

وفي
أثناء الطريق بلغهم أن أباسفيان نجا بعيره من النبي صلى الله عليه وسلّم،
فاستشار بعضهم بعضاً، هل يرجعون أو لا يرجعون، فقال أبوجهل ـ وكان زعيمهم ـ
والله لا نرجع حتى نقدم بدراً فنقيم عليها ثلاثاً، ننحر فيها الجزور،
ونسقى فيها الخمور، وتعزف علينا القِيان، وتسمع بنا العرب فلا يزالون
يهابوننا أبداً.

فهذه
الكلمات تدل على الكبرياء والغطرسة، والثقة بالباطل ليدحض به الحق..
والتقوا بالنبي صلى الله عليه وسلّم بحدِّهم وحديدهم وكبريائهم وبطرهم
وقوتهم، وكانوا ما بين تسعمائة وألف، أما النبي صلى الله عليه وسلّم
وأصحابه فكانوا ثلاثمائة وبضعة عشر رجلاً، والتقت الطائفتان، جنود الله عز
وجل وجنود الشيطان، وكانت العاقبة لجنود الله عز وجل، قتل من قريش سبعون
رجلاً من عظمائهم وشرفائهم ووجهائهم، وأُسر منهم سبعون رجلاً، وأقام النبي
صلى الله عليه وسلّم ثلاثة أيام في عرصة القتال كعادته، بعد الغلبة
والظهور، وفي اليوم الثالث ركب حتى وقف على قليب بدر التي ألقي فيها من
صناديد قريش أربعة وعشرون رجلاً، وقف على القليب يدعوهم بأسمائهم وأسماء
آبائهم، يقول: «يا فلان ابن فلان، هل وجدت ما وعد ربكم حقاً، إني وجدت ما
وعدني ربي حقاً». فقالوا: يا رسول الله، كيف تكلم أناساً قد جَيَّفُوْا؟ ـ
أي صاروا جيفاً ـ قال: «ما أنتم بأسمع لِمَا أقول منهم، ولكنهم لا
يستجيبون»، أو قال: «لا يرجعون قولاً»(2).

ثم رجع النبي صلى الله عليه وسلّم إلى المدينة النبوية منتصراً ولله الحمد.
المناسبة
الثالثة: فتح مكة، كانت مكة قد استولى عليها المشركون وخرَّبوها بالكفر
والشرك والعصيان، فأذن الله سبحانه وتعالى لنبيه صلى الله عليه وسلّم أن
يُقاتل أهلها وأحلها له ساعة من نهار، ثم عادت حرمتها بعد الفتح كحرمتها
قبل الفتح، ودخلها النبي صلى الله عليه وسلّم في يوم الجمعة في العشرين من
شهر رمضان عام ثمانية من الهجرة، مظفراً منصوراً حتى وقف على باب الكعبة
وقريش تحته ينتظرون ماذا يفعل بهم، فقال لهم: «يا قريش، ما ترون أني فاعل
بكم؟» قالوا: خيراً، أخٌ كريمٌ وابن أخٍ كريم. فقال النبي صلى الله عليه
وسلّم: «اذهبوا فأنتم الطلقاء»(3). فمَنَّ عليهم بعد القدرة عليهم، وهذا
غاية ما يكون من الخُلُق والعفو.

وبعد
عرض المناسبات في هذا الشهر لنا أن نقول: ما الذي ينبغي أن نفعله في شهر
رمضان؟.. الذي نفعله في هذا الشهر المبارك إما واجب وإما مندوب، فالواجب هو
الصيام، والمندوب هو القيام.

والصيام
كلنا يعرف هو الإمساك عن المفطرات من طلوع الفجر إلى غروب الشمس تعبداً
لله، دليله قوله تعالى: {فَالانَ بَـاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُواْ مَا كَتَبَ
اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُواْ وَاشْرَبُواْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ
الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ
أَتِمُّواْ الصِّيَامَ إِلَى الَّيْلِ} [البقرة: 187].

والغرض
من الصيام ليس ترويض البدن على تحمل العطش وتحمل الجوع والمشقة، ولكن هو
ترويض النفس على ترك المحبوب لرضا المحبوب. والمحبوب المتروك هو الأكل
والشرب والجِماع، هذه هي شهوات النفس.

أما المحبوب المطلوب رضاه فهو الله عز وجل، فلابد أن نستحضر هذه النيَّة أننا نترك هذه المفطرات طلباً لرضا الله عز وجل.

والحكمة
من فرض الصيام على هذه الأمة قد بيَّنها الله سبحانه وتعالى في قوله:
{يأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا
كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ } [البقرة:
183]، ولعلَّ هنا للتعليل، أي لأجل أن تتقوا الله، فتتركوا ما حرَّم الله،
وتقوموا بما أوجب الله. وفي الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلّم أنه قال:
«مَن لم يدع قول الزور والعمل به والجهل، فليس لله حاجة في أن يدع طعامه
وشرابه»(4).

أي
أن الله لا يريد أن ندع الطعام والشراب، إنما يريد منا أن ندع قول الزور
والعمل به والجهل، ولهذا يندب للصائم إذا سبَّه أحدٌ وهو صائم أو قاتله
فليقل: إني صائم، ولا يرد عليه؛ لأنه لو ردَّ عليه لردَّ عليه الأول ثم
ردَّ عليه ثانياً، فيرد الأول، ثم هكذا يكون الصيام كله سباً ومقاتلة، وإذا
قال : إني صائم، أعلم الذي سبَّه أو قاتله بأنه ليس عاجزاً عن مقابلته
ولكن الذي منعه من ذلك الصوم، وحينئذٍ يكفُّ الأول ويخجل، ولا يستمر في
السبِّ والمقاتلة.
هذه
هي الحكمة من إيجاب الصيام، وإذا كان كذلك فينبغي لنا في الصوم أن نحرص
على فعل الطاعات من الذكر، وقراءة القرآن، والصلاة، والصدقة، والإحسان إلى
الخلق، وبسط الوجه، وشرح الصدر، وحسن الخلق، كل ما نستطيع أن نهذِّب أنفسنا
به فإننا نعمله.

فإذا
ظلَّ المسلم على هذه الحالة طوال الشهر، فلابد أن يتأثر ولن يخرج الشهر
إلا وهو قد تغيَّر حاله، ولهذا شُرع في آخر الشهر أن يُخْرِج الإنسان زكاة
الفطر تكميلاً لتزكية النفس؛ لأن النفس تزكو بفعل الطاعات وترك المحرمات،
وتزكوا أيضاً ببذل المال، ولهذا سُمِّي بذل المال زكاة.

س1: ما هي المفطرات التي تفطر الصائم؟
ج1:
المفطرات في القرآن ثلاثة: الأكل، الشرب، الجماع، ودليل ذلك قوله تعالى:
{فَالانَ بَـشِرُوهُنَّ وَابْتَغُواْ مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُواْ
وَاشْرَبُواْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ
الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّواْ الصِّيَامَ إِلَى
الَّيْلِ} [البقرة: 187].

فبالنسبة
للأكل والشرب سواء كان حلالاً أم حراماً، وسواء كان نافعاً أم ضاراً أو لا
نافعاً ولا ضاراً، وسواء كان قليلاً أم كثيراً، وعلى هذا فشُرب الدخان
مفطر، ولو كان ضاراً حراماً.

حتى
إن العلماء قالوا: لو أن رجلاً بلع خرزة لأفطر. والخرزة لا تنفع البدن ومع
ذلك تعتبر من المفطرات. ولو أكل عجيناً عجن بنجس لأفطر مع أنه ضار.

الثالث:
الجماع.. وهو أغلظ أنواع المفطرات. لوجوب الكفارة فيه، والكفارة هي عتق
رقبة، فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين، فإن لم يستطع فإطعام ستين مسكيناً.

الرابع: إنزال المني بلذة، فإذا أخرجه الإنسان بلذة فسد صومه، ولكن ليس فيه كفارة، لأن الكفارة تكون في الجماع خاصة.

الخامس:
الإبر التي يُستغنى بها عن الطعام والشراب، وهي المغذية، أما الإبر غير
المغذية فلا تفسد الصيام سواء أخذها الإنسان بالوريد، أو بالعضلات، لأنها
ليست أكلاً ولا شرباً ولا بمعنى الأكل والشرب.

السادس: القيء عمداً، فإذا تقيأ الإنسان عمداً فسد صومه، وإن غلبه القيء فليس عليه شيء.

السابع: خروج دم الحيض أو النفاس، فإذا خرج من المرأة دم الحيض أو النفاس ولو قبل الغروب بلحظة فسد الصوم.

وإن خرج دم النفاس أو الحيض بعد الغروب بلحظة واحدة صحَّ صومها.
الثامن:
إخراج الدم بالحجامة، لقول الرسول صلى الله عليه وسلّم: «أفطر الحاجم
والمحجوم»(5)، فإذا احتجم الرجل وظهر منه دم فسد صومه، وفسد صوم من حجمه
إذا كانت بالطريقة المعروفة في عهد النبي صلى الله عليه وسلّم، وهي أن
الحاجم يمص قارورة الدم، أما إذا حجم بواسطة الآلات المنفصلة عن الحاجم،
فإن المحجوم يفطر، والحاجم لا يفطر، وإذا وقعت هذه المفطرات في نهار رمضان
من صائم يجب عليه الصوم، ترتب على ذلك أربعة أمور: 1ـ الإثم. 2ـ فساد
الصوم. 3ـ وجوب الإمساك بقية ذلك اليوم.

4ـ وجوب القضاء.
وإن كان الفطر بالجماع ترتب على ذلك أمر خامس وهو الكفارة.
ولكن يجب أن نعلم أن هذه المفطرات لا تفسد الصوم إلا بشروط ثلاثة:
1ـ العلم. 2ـ الذِّكر. 3ـ الإرادة.
فإذا
تناول الصائم شيئاً من هذه المفطرات جاهلاً، فصيامه صحيح، سواء كان جاهلاً
بالوقت، أو كان جاهلاً بالحكم، مثال الجاهل بالوقت: أن يقوم الرجل في آخر
الليل، ويظن أن الفجر لم يطلع، فيأكل ويشرب ويتبيَّن أن الفجر قد طلع، فهذا
صومه صحيح؛ لأنه جاهل بالوقت.

ومثال
الجاهل بالحكم: أن يحتجم الصائم وهو لا يعلم أن الحجامة مفطرة، فيُقال له
صومك صحيح. والدليل على ذلك قوله تعالى: {رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَآ إِن
نَّسِينَآ أَوْ أَخْطَأْنَا} [البقرة: 286] هذا من القرآن.

ومن
السنة: حديث أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما الذي رواه البخاري في
صحيحه(6)، قالت: أفطرنا يوم غيم على عهد النبي صلى الله عليه وسلّم، ثم
طلعت الشمس فصار إفطارهم في النهار، ولكنهم لا يعلمون بل ظنوا أن الشمس قد
غربت ولم يأمرهم النبي صلى الله عليه وسلّم بالقضاء، ولو كان القضاء واجباً
لأمرهم به، ولو أمرهم به لنُقل إلينا. ولكن لو أفطر ظانًّا غروب الشمس
وظهر أنها لم تغرب وجب عليه الإمساك حتى تغرب وصومه صحيح.
الشرط
الثاني: أن يكون ذاكراً، وضد الذكر النسيان، فلو نسي الصائم فأكل أو شرب
فصومه صحيح؛ لقوله تعالى: {رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَآ إِن نَّسِينَآ أَوْ
أَخْطَأْنَا} [البقرة: 286]، وقول النبي صلى الله عليه وسلّم فيما رواه
أبوهريرة رضي الله عنه: «مَن نسي وهو صائم فأكل أو شرب فليتم صومه فإنما
أطعمه الله وسقاه»(7).

الشرط
الثالث: الإرادة، فلو فعل الصائم شيئاً من هذه المفطرات بغير إرادة منه
واختيار، فصومه صحيح، ولو أنه تمضمض ونزل الماء إلى بطنه بدون إرادة فصومه
صحيح.

ولو
أَكْرَه الرجلُ امرأته على الجماع ولم تتمكن من دفعه، فصومها صحيح؛ لأنها
غير مريدة، ودليل ذلك قوله تعالى فيمن كفر مكرهاً: {مَن كَفَرَ بِاللَّهِ
مِن بَعْدِ إيمَـانِهِ إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ
بِالإِيمَـانِ} الآية [النحل: 106].
فإذا أُكْرِه الصائم على الفطر أو فعل مفطراً بدون إرادة، فلا شيء عليه وصومه صحيح.

س2: هل لقيام رمضان عدد معين أم لا؟
ج2:
ليس لقيام رمضان عدد معين على سبيل الوجوب، فلو أن الإنسان قام الليل كله
فلا حرج، ولو قام بعشرين ركعة أو خمسين ركعة فلا حرج، ولكن العدد الأفضل ما
كان النبي صلى الله عليه وسلّم يفعله، وهو إحدى عشرة ركعة أو ثلاث عشرة
ركعة، فإن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها سُئِلت: كيف كان النبي يصلي في
رمضان؟ فقالت: لا يزيد في رمضان ولا في غيره على إحدى عشرة ركعة(8)، ولكن
يجب أن تكون هذه الركعات على الوجه المشروع، وينبغي أن يطيل فيها القراءة
والركوع والسجود والقيام بعد الركوع والجلوس بين السجدتين، خلاف ما يفعله
بعض الناس اليوم، يصليها بسرعة تمنع المأمومين أن يفعلوا ما ينبغي أن
يفعلوه، والإمامة ولاية، والوالي يجب عليه أن يفعل ما هو أنفع وأصلح. وكون
الإمام لا يهتم إلا أن يخرج مبكراً هذا خطأ، بل الذي ينبغي أن يفعل ما كان
النبي صلى الله عليه وسلّم يفعله من إطالة القيام والركوع والسجود والقعود
حسب الوارد، ونكثر من الدعاء والقراءة والتسبيح وغير ذلك.

س3: إذا صلى الإنسان خلف إمام يزيد على إحدى عشرة ركعة، فهل يوافق الإمام أم ينصرف إذا أتم إحدى عشرة؟

ج3:
السُّنَّة أن يوافق الإمام؛ لأنه إذا انصرف قبل تمام الإمام لم يحصل له
أجر قيام الليل. والرسول صلى الله عليه وسلّم قال: «مَن قام مع الإمام حتى
ينصرف كُتِبَ له قيام ليلة»(9). من أجل أن يحثنا على المحافظة على البقاء
مع الإمام حتى ينصرف.

فإن
الصحابة رضي الله عنهم وافقوا إمامهم في أمر زائد عن المشروع في صلاة
واحدة، وذلك مع أمير المؤمنين عثمان بن عفان رضي الله عنه حين أتم الصلاة
في مِنى في الحج، أي صلاَّها أربع ركعات، مع أن النبي صلى الله عليه وسلّم
وأبابكر وعمر وعثمان في أول خلافته، حتى مضى ثماني سنوات، كانوا يصلون
ركعتين، ثم صلى أربعاً، وأنكر الصحابة عليه ذلك، ومع هذا كانوا يتبعونه
يصلون معه أربعاً، فإذا كان هذا هدي الصحابة وهو الحرص على متابعة الإمام،
فما بال بعض الناس إذا رأى الإمام زائداً عن العدد الذي كان النبي صلى الله
عليه وسلّم لا يزيد عليه وهو إحدى عشرة ركعة، انصرفوا في أثناء الصلاة،
كما نشاهد بعض الناس في المسجد الحرام ينصرفون قبل الإمام بحجة أن المشروع
إحدى عشرة ركعة.

س4: بعض الأشخاص يأكلون والأذان الثاني يؤذن في الفجر لشهر رمضان، فما هي صحة صومهم؟
ج4: إذا كان المؤذن يؤذن على طلوع الفجر يقيناً فإنه يجب الإمساك من حين أن يسمع المؤذن فلا يأكل أو يشرب.

أما إذا كان يؤذن عند طلوع الفجر ظنًّا لا يقيناً كما هو الواقع في هذه الأزمان فإن له أن يأكل ويشرب إلى أن ينتهي المؤذن من الأذان.

س5:
كثير من الناس في رمضان أصبح همّهم الوحيد هو جلب الطعام والنوم، فأصبح
رمضان شهر كسل وخمول، كما أن بعضهم يلعب في الليل وينام في النهار، فما
توجيهكم لهؤلاء؟
ج5:
أرى أن هذا في الحقيقة يتضمن إضاعة الوقت وإضاعة المال، إذا كان الناس ليس
لهم هَمٌّ إلا تنويع الطعام، والنوم في النهار والسهر على أمور لا تنفعهم
في الليل، فإن هذا لا شك إضاعة فرصة ثمينة ربما لا تعود إلى الإنسان في
حياته، فالرجل الحازم هو الذي يتمشى في رمضان على ما ينبغي من النوم في أول
الليل، والقيام في التراويح، والقيام آخر الليل إذا تيسر، وكذلك لا يسرف
في المآكل والمشارب، وينبغي لمَن عنده القدرة أن يحرص على تفطير الصوام إما
في المساجد، أو في أماكن أخرى؛ لأن مَن فطَّر صائماً له مثل أجره، فإذا
فطَّر الإنسان إخوانه الصائمين، فإن له مثل أجورهم، فينبغي أن ينتهز الفرصة
مَن أغناه الله تعالى حتى ينال أجراً كثيراً.

س6: بعض أئمة المساجد في رمضان يطيلون في الدعاء، وبعضهم يقصر، فما هو الصحيح؟
ج6:
الصحيح ألا يكون غلواً ولا تقصيراً، فالإطالة التي تشق على الناس منهي
عنها، فإن النبي صلى الله عليه وسلّم لمَّا بَلَغَه أن معاذ بن جبل أطال
الصلاة في قومه غضب صلى الله عليه وسلّم غضباً لم يغضب في موعظة مثله قط،
وقال لمعاذ بن جبل: «أفتَّان أنت يا معاذ»(10). فالذي ينبغي أن يقتصر على
الكلمات الواردة، أو يزيد قليلاً لا يشق. ولا شك في أن الإطالة شاقة على
الناس، وترهقهم ولاسيما الضعفاء منهم، ومن الناس من يكون وراءه أعمال ولا
يحب أن ينصرف قبل الإمام ويشق عليه أن يبقى مع الإمام، فنصيحتي لإخواني
الأئمة أن يكونوا بين بين، كذلك ينبغي أن يترك الدعاء أحياناً حتى لا يظن
العامة أن القنوت واجب في الوتر.

س7: ما صحة حديث «أفطر الحاجم والمحجوم»(11)؟
ج7:
هذا الحديث صحَّحه الإمام أحمد رحمه الله، وكذلك شيخ الإسلام ابن تيمية،
وابن القيم، وغيرهم من المحققين، وهو صحيح، وهو أيضاً مناسب من الناحية
النظرية؛ لأن المحجوم يخرج منه دم كثير يضعف البدن، وإذا ضعف البدن احتاج
إلى الغذاء، فإذا كان الصائم محتاجاً إلى الحجامة وحجم، قلنا: أفطرت فَكُل
واشرب من أجل أن تعود قوة البدن، أما إذا كان غير محتاج، نقول له: لا تحتجم
إذا كان الصيام فرضاً، وحينئذٍ نحفظ عليه قوَّته حتى يفطر.

س8: ما حكم ذهاب أهل جدة إلى مكة لصلاة التراويح؟
ج8:
لا حرج في أن يذهب الإنسان إلى المسجد الحرام كي يصلي فيه التراويح؛ لأن
المسجد الحرام مما يُشدُّ إليه الرِّحال، ولكن إذا كان الإنسان موظفاً أو
كان إماماً في مسجد فإنه لا يدع الوظيفة أو يدع الإمامة ويذهب إلى الصلاة
في المسجد الحرام، لأن الصلاة في المسجد الحرام سُنَّة. وأما القيام
بالواجب الوظيفي فإنه واجب، ولا يمكن أن يُترك الواجب من أجل فعل
السُّنَّة. وقد بلغني أن بعض الأئمة يتركون مساجدهم، ويذهبون إلى مكة من
أجل الاعتكاف في المسجد الحرام أو من أجل صلاة التراويح، وهذا خطأ؛ لأن
القيام بالواجب واجب. والذهاب إلى مكة لإقامة التراويح أو الاعتكاف ليس
بواجب.

س9: ما حكم تتبُّع الأئمة الذين في أصواتهم جمال؟
ج9:
أرى أنه لا بأس في ذلك، لكن الأفضل أن يصلي الإنسان في مسجده لأجل أن
يجتمع الناس حول إمامهم وفي مساجدهم، ولأجل ألا تخلو المساجد من الناس،
ولأجل ألا يكثر الزحام عند المسجد الذي تكون قراءة إمامه جيدة فيحدث من هذا
ارتباك، وربما يحدث أمر مكروه، ربما يأتي إنسان يتلقف امرأة خرجت من هذا
المسجد الذي فيه الناس بكثرة، ومع كثرة الناس والزحام ربما يخطفها وهي لا
تشعر إلا بعد مسافة، ولهذا نحن نرى أن الإنسان يبقى في مسجده لِمَا في ذلك
من عمارة المسجد وإقامة الجماعة فيه. واجتماع الجماعة على إمامهم والسلامة
من الزحام والمشقَّة.

س10: هل سحب الدم بكثرة يؤدي إلى إفطار الصائم؟
ج10:
سحب الدم بكثرة إذا كان يؤدي إلى ما تؤدي إليه الحجامة من ضعف البدن
واحتياجه للغذاء، حكمه كحكم الحجامة، وأما ما يخرج بغير اختيار الإنسان مثل
أن تجرح الرجل فتنزف دماً كثيراً فإن هذا لا يضر؛ لأنه بغير إرادة
الإنسان.

س11: بالنسبة لصلاة التراويح في ليلة العيد، هل تكمل أم لا؟
ج11:
إذا ثبت الهلال ليلة الثلاثين من رمضان، فإنها لا تقام صلاة التراويح، ولا
صلاة القيام، وذلك لأن صلاة التراويح والقيام إنما هي في رمضان، فإذا ثبت
خروج الشهر فإنها لا تقام، فينصرف الناس من مساجدهم إلى بيوتهم.

س12: هل للمعتكف في الحرم أن يخرج للأكل أو الشرب، وهل يجوز له الصعود إلى سطح المسجد لسماع الدروس؟
ج12:
نعم.. يجوز للمعتكف في المسجد الحرام أو غيره أن يخرج للأكل والشرب إن لم
يكن في إمكانه أن يحضرهما إلى المسجد، لأن هذا أمر لابدَّ منه، كما أنه سوف
يخرج لقضاء الحاجة، وسوف يخرج للاغتسال من جنابة إذا كانت عليه الجنابة.
وأما الصعود إلى سطح المسجد فهو أيضاً لا يضر؛ لأن الخروج من باب المسجد
الأسفل إلى السطح ما هو إلا خطوات قليلة ويقصد به الرجوع إلى المسجد أيضاً،
فليس في هذا بأس.

س13: شاب استمنى في رمضان جاهلاً بأنه يفطر وفي حالة غلبت عليه شهوته، فما الحكم؟
ج13:
الحكم أنه لا شيء عليه، لأننا قررنا فيما سبق أنه لا يفطر الصائم إلا
بثلاثة شروط: العلم ـ الذِّكْر ـ الإرادة. ولكني أقول: إنه يجب على الإنسان
أن يصبر عن الاستمناء لأنه حرام؛ لقول الله تعالى: {وَالَّذِينَ هُمْ
لِفُرُوجِهِمْ حَـافِظُونَ * إِلاَّ عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ
أَيْمَـانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ * فَمَنِ ابْتَغَى وَرَآءَ
ذلِكَ فَأُوْلَائِكَ هُمُ الْعَادُونَ } [المؤمنون: 5 ـ 7]. ولأن النبي صلى
الله عليه وسلّم قال: «يا معشر الشباب، مَن استطاع منكم الباءة فليتزوج،
فإنه أغض للبصر، وأحصن للفرج، ومَن لم يستطع فعليه بالصوم»(12).

ولو
كان الاستمناء جائزاً لأرشد إليه النبي صلى الله عليه وسلّم؛ لأنه أيسر
على المكلف، ولأن الإنسان يجد فيه متعة، بخلاف الصوم ففيه مشقة، فلما عدل
النبي صلى الله عليه وسلّم إلى الصوم، دلَّ هذا على أن الاستمناء ليس
بجائز.

س14: ما حكم الصوم مع ترك الصلاة في رمضان؟
ج14:
إن الذي يصوم ولا يصلي لا ينفعه صيامه ولا يُقْبَل منه ولا تبرَأ به
ذمَّته. بل إنه ليس مطالباً به مادام لا يصلي؛ لأن الذي لا يصلي مثل
اليهودي والنصراني، فما رأيكم أن يهوديًّا أو نصرانيًّا صام وهو على دينه،
فهل يقبل منه؟ لا. إذن نقول لهذا الشخص: تب إلى الله بالصلاة وصم، ومَن تاب
تاب الله عليه.

س15:
يقول بعض الناس: إن الأشهُر جميعاً لا يُعْرَف دخولها كلها وخروجها
بالرؤية، وبالتالي فإن المفروض إكمال عدة شعبان ثلاثين وكذا عدة رمضان..
فما حكم الشرع في مثل هذا القول؟
ج15:
هذا القول ـ من جهة ـ أن الأشهر جميعاً لا يُعرف دخولها كلها وخروجها
بالرؤية ليس بصحيح. بل إن رؤية جميع أهلة الشهور ممكنة، ولهذا قال النبي
صلى الله عليه وسلّم: «إذا رأيتموه فصوموا، وإذا رأيتموه فأفطروا»(13).

ولا يعلِّق النبي صلى الله عليه وسلّم شيئاً على أمر مستحيل، وإذا أمكن رؤية هلال شهر رمضان فإنه يمكن رؤية هلال غيره من الشهور.

وأما
الفقرة الثانية في السؤال وهي أن المفروض إكمال عدة شعبان ثلاثين وكذلك
عدة رمضان.. فصحيح أنه إذا غُمَّ علينا ولم نرَ الهلال، بل كان محتجباً
بغيم أو قتر أو نحوهما فإننا نكمل عدة شعبان ثلاثين ثم نصوم، ونكمل عدة
رمضان ثلاثين ثم نفطر. هكذا جاء الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلّم
أنه قال: «صوموا لرؤيته، وأفطروا لرؤيته، فإن غُمَّ عليكم فعدّوا ثلاثين
يوماً». وفي حديث آخر: «فأكملوا العدة ثلاثين»(14).

وعلى
هذا فإذا كانت ليلة الثلاثين من شعبان وتراءى الناس الهلال ولم يروه فإنهم
يكملون شعبان ثلاثين يوماً. وإذا كانت ليلة الثلاثين من رمضان فتراءى
الناس الهلال ولم يروه، فإنهم يكملون عدة رمضان ثلاثين يوماً.

س16:
ما هي الطريقة الشرعية التي يثبت بها دخول الشهر؟ وهل يجوز اعتماد حساب
المراصد الفلكية في ثبوت الشهر وخروجه؟ وهل يجوز للمسلم أن يستعمل ما يسمى
بـ(الدربيل) في رؤية الهلال؟
ج16: الطريقة الشرعية لثبوت دخول الشهر أن يتراءى الناس الهلال، وينبغي أن يكون ذلك ممن يوثق به في دينه وفي قوة نظره.

فإذا
رأوه وجب العمل بمقتضى هذه الرؤية صوماً إن كان الهلال هلال رمضان،
وإفطاراً إن كان الهلال هلال شوال، ولا يجوز اعتماد حساب المراصد الفلكية
إذا لم يكن رؤية. فإن كان هناك رؤية ولو عن طريق المراصد الفلكية فإنها
معتبرة لعموم قول النبي صلى الله عليه وسلّم: «إذا رأيتموه فصوموا، وإذا
رأيتموه فأفطروا»(15). أما مجرد الحساب فإنه لا يجوز العمل به ولا الاعتماد
عليه.

وأما
استعمال ما يسمى بـ(الدربيل) وهو المنظار المقرِّب في رؤية الهلال فلا بأس
به، ولكن ليس بواجب؛ لأن الظاهر من السنة أن الاعتماد على الرؤية المعتادة
لا على غيرها، ولكن لو استعمل فرآه من يوثق به فإنه يعمل بهذه الرؤية، وقد
كان الناس قديماً يستعملون ذلك لمَّا كانوا يصعدون (المنائر) في ليلة
الثلاثين من شعبان أو ليلة الثلاثين من رمضان فيتراءونه بواسطة هذا
المنظار. على كل حال متى ثبتت رؤيته بأي وسيلة فإنه يجب العمل بمقتضى هذه
الرؤية لعموم قوله صلى الله عليه وسلّم: «إذا رأيتموه فصوموا، وإذا رأيتموه
فأفطروا»(16).

س17: هل يلزم المسلمين جميعاً في كل الدول الصيام برؤية واحدة؟ وكيف يصوم المسلمون في بعض بلاد الكفار التي ليس فيها رؤية شرعية؟
ج17:
هذه المسألة اختلف فيها أهل العلم أي إذا رئي الهلال في بلد من بلاد
المسلمين وثبتت رؤيته شرعاً، فهل يلزم بقية المسلمين أن يعملوا بمقتضى هذه
الرؤية؟ فمن أهل العلم مَن قال إنه يلزمهم أن يعملوا بمقتضى هذه الرؤية،
واستدلوا بعموم قوله تعالى: {فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ
وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ}
[البقرة: 185]. ويقول النبي صلى الله عليه وسلّم: «إذا رأيتموه
فصوموا»(17). قالوا: والخطاب عام لجميع المسلمين. ومن المعلوم أنه لا يُراد
به رؤية كل إنسان بنفسه؛ لأن هذا متعذر، وإنما المراد بذلك إذا رآه مَن
يثبت برؤيته دخول الشهر. وهذا عام في كل مكان. وذهب آخرون من أهل العلم إلى
أنه إذا اختلفت المطالع فلكل مكان رؤيته، وإذا لم تختلف المطالع فإنه يجب
على مَن لم يروه إذا ثبتت رؤيته بمكان يوافقهم في المطالع أن يعملوا بمقتضى
هذه الرؤية. واستدلَّ هؤلاء بنفس ما استدلَّ به الأولون فقالوا: إن الله
تعالى يقول: {فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ}. ومن المعلوم
أنه لا يُراد بذلك رؤية كل إنسان بمفرده. فيعمل به في المكان الذي رئي فيه
وفي كل مكان يوافقهم في مطالع الهلال. أما مَن لا يوافقهم في مطالع الهلال
فإنه لم يره لا حقيقة ولا حكماً.. قالوا: وكذلك نقول في قول النبي صلى الله
عليه وسلّم: «إذا رأيتموه فصوموا، وإذا رأيتموه فأفطروا»(18).

فإن مَن كان في مكان لا يوافق مكان الرائي في مطالع الهلال لم يكن رآه لا
حقيقة ولا حكماً، قالوا: والتوقيت الشهري كالتوقيت اليومي. فكما أن البلاد
تختلف في الإمساك والإفطار اليومي، فكذلك يجب أن تختلف في الإمساك والإفطار
الشهري، ومن المعلوم أن الاختلاف اليومي له أثره باتفاق المسلمين، فمن
كانوا في الشرق فإنهم يمسكون قبل مَن كانوا في الغرب، ويفطرون قبلهم أيضاً.

فإذا حكمنا باختلاف المطالع في التوقيت اليومي؛ فإن مثله تماماً في التوقيت الشهري.

ولا
يمكن أن يقول قائل: إن قوله تعالى: {فَالانَ بَـشِرُوهُنَّ وَابْتَغُواْ
مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُواْ وَاشْرَبُواْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ
لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ
ثُمَّ أَتِمُّواْ الصِّيَامَ إِلَى الَّيْلِ} [البقرة: 187].

وقوله
صلى الله عليه وسلّم: «إذا أقبل الليل من هاهنا، وأدبر النهار من هاهنا،
وغربت الشمس فقد أفطر الصائم»(19). لا يمكن لأحد أن يقول إن هذا عام لجميع
المسلمين في كل الأقطار.

وكذلك
نقول في عموم قوله تعالى: {فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ}،
وقوله صلى الله عليه وسلّم: «إذا رأيتموه فصوموا، وإذا رأيتموه
فأفطروا»(20).
وهذا القول كما ترى له قوَّته بمقتضى اللفظ والنظر الصحيح والقياس الصحيح أيضاً، قياس التوقيت الشهري على التوقيت اليومي.

وذهب
بعض أهل العلم إلى أن الأمر معلَّق بولي الأمر في هذه المسألة، فمتى رأى
وجوب الصوم أو الفطر مستنداً بذلك إلى مستند شرعي فإنه يعمل بمقتضاه؛ لئلا
يختلف الناس ويتفرقوا تحت ولاية واحدة. واستدلَّ هؤلاء بعموم الحديث.
«الصوم يوم يصوم الناس، والفطر يوم يفطر الناس»(21).

وهناك أقوال أخرى ذكرها أهل العلم الذين ينقلون الخلاف في هذه المسألة.
وأما
الشق الثاني من السؤال وهو: كيف يصوم المسلمون في بلاد الكفار التي ليس
بها رؤية شرعية؟ فإن هؤلاء يمكنهم أن يثبتوا الهلال عن طريق شرعي، وذلك بأن
يتراءوا الهلال إذا أمكنهم ذلك، فإن لم يمكنهم هذا فإن قلنا بالقول الأول
في هذه المسألة فإنه متى ثبتت رؤية الهلال في بلد إسلامي، فإنهم يعملون
بمقتضى هذه الرؤية، سواء رأوه أو لم يروه.

وإذا
قلنا بالقول الثاني، وهو اعتبار كل بلد بنفسه إذا كان يخالف البلد الآخر
في مطالع الهلال، ولم يتمكنوا من تحقيق الرؤية في البلد الذي هم فيه، فإنهم
يعتبرون أقرب البلاد الإسلامية إليهم، لأن هذا أعلى ما يمكنهم العمل به.

س18: إذا تيقن شخص من دخول الشهر برؤية الهلال ولم يستطع إبلاغ المحكمة فهل يجب عليه الصيام؟
ج18:
اختلف العلماء في هذا، فمنهم من يقول إنه يلزمه الصيام، ومنهم من يقول إنه
لا يلزمه وذلك بناءً على أن الهلال هو ما استهلَّ واشتهر بين الناس، أو أن
الهلال هو ما رئي بعد غروب الشمس، سواء اشتهر بين الناس أم لم يشتهر.

والذي
يظهر لي أن مَن رآه وتيقَّن من رؤيته وهو في مكان ناءٍ لم يشاركه أحد في
الرؤية أو لم يشاركه أحد في الترائي، فإنه يلزمه الصوم؛ لعموم قوله تعالى:
{فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} [البقرة: 185]. وقوله صلى
الله عليه وسلّم: «إذا رأيتموه فصوموا» ولكن إن كان في البلد وشهد به عند
المحكمة، وردت شهادته فإنه في هذه الحال يصوم سرًّا لئلا يعلن مخالفة
الناس.

س19:
هل ورد عن الرسول صلى الله عليه وسلّم دعاء خاص يقوله مَن رأى الهلال؟ وهل
يجوز لمن سمع خبر الهلال أن يدعو به ولو لم ير الهلال؟
ج19:
نعم يقول: «الله أكبر.. اللهم أهلَّه علينا بالأمن والإيمان.. والسلامة
والإسلام.. والتوفيق لما تحبه وترضاه. ربي وربك الله.. هلال خير ورشد».
فقد
جاء في ذلك حديثان عن رسول الله صلى الله عليه وسلّم فيهما مقال قليل.
وظاهر الحديث أنه لا يدعى بهذا الدعاء إلا حين رؤية الهلال. أما من سمع به
ولم يره فإنه لا يشرع له أن يقول ذلك.

س20: إذا لم يعلم الناس دخول الشهر إلا بعد مضي وقت من النهار فهل يجب عليهم إمساك بقية اليوم؟ أم قضاؤه؟
ج20:
إذا علم الناس بدخول شهر رمضان في أثناء اليوم فإنه يجب عليهم الإمساك؛
لأنه ثبت أن هذا اليوم من شهر رمضان فوجب إمساكه. ولكن هل يلزمهم القضاء؟
أي قضاء هذا اليوم؟ في هذا خلاف بين أهل العلم فجمهور العلماء يرون أنه
يلزمهم القضاء؛ لأنهم لم ينووا الصيام من أول اليوم بل مضى عليهم جزء من
اليوم بلا نية، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلّم: «إنما الأعمال بالنيات،
وإنما لكل امرأ ما نوى»(22).

وذهب
بعض أهل العلم إلى أنه لا يلزمهم القضاء لأنهم كانوا مفطرين عن جهل
والجاهل معذور بجهله، ولكن القضاء أحوط وأبرأ للذمة. وقد قال النبي صلى
الله عليه وسلّم: «دع ما يريبك إلى ما لا يريبك»(23) فما هو إلا يوم واحد
وهو يسير لا مشقة فيه، وفيه راحة للنفس وطمأنينة للقلب.

س21: هل يأثم المسلمون جميعاً إذا لم يتراء أحدٌ منهم هلال رمضان دخولاً أو خروجاً؟
ج21:
ترائي الهلال ـ هلال رمضان أو هلال شوال ـ أمر معهود في عهد الصحابة رضي
الله عنهم؛ لقول ابن عمر رضي الله عنهما: «تراءى الناس الهلال فأخبرت النبي
صلى الله عليه وسلّم أني رأيته فصامه وأمر الناس بصيامه»(24).

ولا شك أن هدي الصحابة رضي الله عنهم أكمل الهدي وأتمه.

س22: إذا أسلم رجل بعد مضي أيام من شهر رمضان فهل يطالب بصيام الأيام السابقة؟
ج22:
هذا لا يطالب بصيام الأيام السابقة؛ لأنه كان كافراً فيها. والكافر لا
يطالب بقضاء ما فاته من الأعمال الصالحة؛ لقول الله تعالى: {قُل لِلَّذِينَ
كَفَرُواْ إِن يَنتَهُواْ يُغْفَرْ لَهُمْ مَّا قَدْ سَلَفَ} [الأنفال:
38]. ولأن الناس كانوا يسلمون في عهد الرسول صلى الله عليه وسلّم ولم يكن
يأمرهم بقضاء ما فاتهم من صوم، ولا صلاة ولا زكاة. ولكن لو أسلم في أثناء
النهار فهل يلزمه الإمساك والقضاء؟ أو الإمساك دون القضاء؟ أو لا يلزمه
إمساك ولا قضاء؟
في
هذه المسألة خلاف بين أهل العلم، والقول الراجح إنه يلزمه الإمساك دون
القضاء، فيلزمه الإمساك لأنه صار من أهل الوجوب ولا يلزمه القضاء، لأنه قبل
ذلك ليس من أهل الوجوب. فهو كالصبي إذا بلغ في أثناء النهار فإنه يلزمه
الإمساك ولا يلزمه القضاء على القول الراجح في هذه المسألة أيضاً.

س23: هل يؤمر الصبيان دون الخامسة عشر بالصيام كما في الصلاة؟
ج23: نعم يؤمر الصبيان الذين لم يبلغوا بالصيام إذا أطاقوه كما كان الصحابة رضي الله عنهم يفعلون ذلك بصبيانهم.

وقد
نصَّ أهل العلم على أن الولي يأمر مَن له ولاية عليهم من الصغار بالصوم من
أجل أن يتمرَّنوا عليه ويألفوه وتتطبع أصول الإسلام في نفوسهم حتى تكون
كالغريزة لهم.

ولكن
إذا كان يشق عليهم أو يضرهم فإنهم لا يلزمون بذلك. وإنني أنبه هنا على
مسألة يفعلها بعض الآباء أو الأمهات وهي منع صبيانهم من الصيام على خلاف ما
كان الصحابة رضي الله عنهم يفعلونه. يدَّعون أنهم يمنعون هؤلاء الصبيان
رحمة بهم، وإشفاقاً عليهم، والحقيقة أن رحمة الصبيان بأمرهم بشرائع الإسلام
وتعويدهم عليها وتأليفهم لها. فإن هذا بلا شك من حُسن التربية وتمام
الرعاية. وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلّم قوله: «إن الرجل راع في أهل
بيته ومسئول عن رعيته»(25) والذي ينبغي على أولياء الأمور بالنسبة لمن
ولاهم الله عليهم من الأهل والصغار أن يتقوا الله تعالى فيهم، وأن يأمروهم
بما أُمروا أن يأمروهم به من شرائع الإسلام.

https://raveltime.yoo7.com

RMH-ALESLAM

RMH-ALESLAM
مدير المنتدى
مدير المنتدى


س38: ما قولكم فيما يذهب إليه بعض الناس من أن دعاء ختم القرآن من البدع المحدثة؟
ج38:
لا أعلم لدعاء ختم القرآن في الصلاة أصلاً صحيحاً يعتمد عليه من سنة
الرسول صلى الله عليه وسلّم، ولا من عمل الصحابة رضي الله عنهم.

وغاية ما في ذلك ما كان أنس بن مالك رضي الله عنه يفعله إذا أراد إنهاء
القرآن من أنه كان يجمع أهله ويدعو، لكنه لا يفعل هذا في صلاته.

والصلاة
كما هو معلوم لا يشرع فيها إحداث دعاء في محل لم ترد السُّنَّة به؛ لقول
النبي صلى الله عليه وسلّم: «صلوا كما رأيتموني أُصلي»(39).

وأما
إطلاق البدعة على هذه الختمة في الصلاة فإني لا أحب إطلاق ذلك عليها؛ لأن
العلماء ـ علماء السنة ـ مختلفون فيها. فلا ينبغي أن نعنف هذا التعنيف على
ما قال بعض أهل السنة إنه من الأمور المستحبة، لكن الأولى للإنسان أن يكون
حريصاً على اتباع السنة.

ثم
إن هاهنا مسألة يفعلها بعض الأخوة الحريصين على تطبيق السنة. وهي أنهم
يصلون خلف أحد الأئمة الذين يدعون عند ختم القرآن، فإذا جاءت الركعة
الأخيرة انصرفوا وفارقوا الناس بحجة أن الختمة بدعة، وهذا أمر لا ينبغي لما
يحصل من ذلك من اختلاف القلوب والتنافر، ولأن ذلك خلاف ما ذهبت إليه
الأئمة. فإن الإمام أحمد رحمه الله كان لا يرى استحباب القنوت في صلاة
الفجر ومع ذلك يقول: «إذا ائتم الإنسان بقانت في صلاة الفجر فليتابعه،
وليؤمن على دعائه».

ونظير
هذه المسألة أن بعض الأخوة الحريصين على اتباع السنة في عدد الركعات في
صلاة التراويح إذا صلوا خلف إمام يصلي أكثر من إحدى عشر ركعة أو ثلاث عشرة
ركعة انصرفوا إذا تجاوز الإمام هذا العدد، وهذا أيضاً أمر لا ينبغي، وهو
خلاف عمل الصحابة رضي الله عنهم؛ فإن الصحابة رضي الله عنهم لما اتمَّ
عثمان بن عفان رضي الله عنه في منى متأولاً أنكروا عليه الإتمام ومع ذلك
كانوا يصلون خلفه ويتمون. ومن المعلوم أن إتمام الصلاة في حال يشرع فيها
القصر أشد مخالفة للسُنَّة من الزيادة على ثلاث عشرة ركعة، ومع هذا لم يكن
الصحابة رضي الله عنهم يفارقون عثمان، أو يَدَعون الصلاة معه.

وهم بلا شك أحرص منا على اتباع السنة، وأسد منا رأياً، وأشد منا تمسكاً فيما تقتضيه الشريعة الإسلامية.
فنسأل الله أن يجعلنا جميعاً ممن يرى الحق فيتبعه، ويرى الباطل باطلاً فيجتنبه.

س39: اعتاد بعض المسلمين وصف ليلة سبع وعشرين من رمضان بأنها ليلة القدر. فهل لهذا التحديد أصل؟ وهل عليه دليل؟
ج39:
نعم لهذا التحديد أصل، وهو أن ليلة سبع وعشرين أرجى ما تكون ليلة للقدر
كما جاء ذلك في صحيح مسلم من حديث أُبي بن كعب رضي الله عنه.

ولكن القول الراجح من أقوال أهل العلم التي بلغت فوق أربعين قولاً أن ليلة
القدر في العشر الأواخر ولاسيما في السبع الأواخر منها، فقد تكون ليلة سبع
وعشرين، وقد تكون ليلة خمس وعشرين، وقد تكون ليلة ثلاث وعشرين، وقد تكون
ليلة تسع وعشرين، وقد تكون ليلة الثامن والعشرين، وقد تكون ليلة السادس
والعشرين، وقد تكون ليلة الرابع والعشرين.

ولذلك
ينبغي للإنسان أن يجتهد في كل الليالي حتى لا يحرم من فضلها وأجرها؛ فقد
قال الله تعالى: {إِنَّآ أَنزَلْنَـاهُ فِى لَيْلَةٍ مُّبَـارَكَةٍ إِنَّا
كُنَّا مُنذِرِينَ } [الدخان: 3].. وقال عز وجل: {إِنَّا أَنزَلْنَـاهُ فِى
لَيْلَةِ الْقَدْرِ * وَمَآ أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ * لَيْلَةُ
الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ * تَنَزَّلُ الْمَلَـئِكَةُ
وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ * سَلَامٌ هِىَ
حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ } [سورة القدر].

س40: إذا شق الصيام على المرأة المرضع فهل يجوز لها الفطر؟
ج40:
نعم يجوز لها أن تفطر إذا شق الصيام عليها، أو إذا خافت على ولدها من نقص
إرضاعه، فإنه في هذه الحال يجوز لها أن تفطر، وأن تقضي عدد الأيام التي
أفطرتها.

س41: في بعض الصيدليات بخاخ يستعمله بعض مرضى الربو، فهل يجوز للصائم استعماله في نهار رمضان؟
ج41:
استعمال البخاخ جائز للصائم سواء كان صيامه في رمضان أم في غير رمضان..
وذلك لأن هذا البخاخ لا يصل إلى المعدة، وإنما يصل إلى القصبات الهوائية
فتنفتح لِما فيه من خاصية ويتنفس الإنسان تنفساً عادياً بعد ذلك، فليس هو
بمعنى الأكل ولا الشرب، ولا أكلاً ولا شرباً يصل إلى المعدة.

ومعلوم أن الأصل صحة الصوم حتى يوجد دليل يدل على الفساد من كتاب أو سنة أو إجماع أو قياس صحيح.

س42: ما حكم استعمال معجون الأسنان للصائم في نهار رمضان؟
ج42:
استعمال المعجون للصائم في رمضان وغيره لا بأس به إذا لم ينزل إلى معدته،
ولكن الأولى عدم استعماله؛ لأن له نفوذاً قوياً قد ينفذ إلى المعدة
والإنسان لا يشعر به. ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلّم للقيط بن صبرة:
«بالِغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائماً»(40)، فالأولى ألا يستعمل الصائم
المعجون، والأمر واسع فإذا أخَّره حتى أفطر فيكون قد توقى ما يخشى أن يكون
به فساد الصوم.

س43: هل صحيح أن المضمضة في الوضوء تسقط عن الصائم في نهار رمضان؟
ج43:
ليس هذا بصحيح، فالمضمضة في الوضوء فرض من فروض الوضوء سواء في نهار رمضان
أو في غيره للصائم ولغيره، لعموم قوله تعالى: {فاغْسِلُواْ وُجُوهَكُمْ}
[المائدة: 6]، لكن لا ينبغي أن يبالغ في المضمضة أو الاستنشاق وهو صائم،
لحديث لقيط بن صبرة أن النبي صلى الله عليه وسلّم قال له: «أسبغ الوضوء،
وخلل بين الأصابع، وبالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائماً».

س44: هل يفطر الصائم بأخذ الإبر في الوريد؟
ج44:
لا يفطر الصائم بأخذ الإبر في الوريد ولا في غيره. إلا أن تكون هذه الإبرة
قائمة مقام الطعام بحيث يستغني بها الإنسان عن الأكل والشرب. فأما ما ليس
كذلك فإنها لا تفطر مطلقاً سواء أخذت من الوريد أو من غيره.. وذلك لأن هذه
الإبر ليست أكلاً ولا شرباً، ولا بمعنى الأكل والشرب.. وعلى هذا فينتفي
عنها أن تكون في حكم الأكل والشرب.

س45: هل أخذ شيء من الدم بغرض التحليل أو التبرع في نهار رمضان يفطر الصائم أم لا؟
ج45:
إذا أخذ الإنسان شيئاً من الدم قليلاً لا يؤثر في بدنه ضعفاً فإنه لا يفطر
بذلك سواء أخذه للتحليل أو لتشخيص المرض، أو أخذه للتبرع به لشخص يحتاج
إليه.

أما إذا أخذ من الدم كمية كبيرة يلحق البدن بها ضعف فإنه يفطر بذلك قياساً على الحجامة التي ثبت بالسنة بأنها مفطرة للصائم.

وبناءً
على ذلك فإنه لا يجوز للإنسان أن يتبرع بهذه الكمية من الدم وهو صائم
صوماً واجباً كصوم رمضان إلا أن يكون هناك ضرورة، فإنه في هذه الحال يتبرع
به لدفع الضرورة، ويكون مفطراً يأكل ويشرب بقية يومه ويقضي بدل هذا اليوم.

س46: ما حكم استعمال السواك للصائم بعد الزوال؟
ج46:
استعمال السواك للصائم قبل الزوال وبعد الزوال سنة كما هو سنة لغيره؛ لأن
الأحاديث عامة في استعمال السواك، ولم يستثن منها صائماً قبل الزوال ولا
بعده.

قال
النبي صلى الله عليه وسلّم: «السواك مطهرة للفم مرضاة للرب...»(41). وقال
عليه الصلاة والسلام: «لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل
صلاة»(42).

س47:
ما توجيهكم ـ حفظكم الله ـ لبعض أئمة المساجد الذين يتركون مساجدهم في
رمضان ويذهبون إلى مكة للعمرة والصلاة في الحرم خلال هذا الشهر؟
ج47:
توجيهنا لهؤلاء أن يعلموا أن بقاءهم في مساجدهم لاجتماع الناس فيها، وأداء
واجبهم الذي التزموه أمام حكومتهم أفضل من أن يذهبوا إلى مكة ليقيموا فيها
ويصلوا هناك. والنبي عليه الصلاة والسلام لم يذكر في رمضان في الذهاب إلى
مكة إلا العمرة، فقال: «عمرة في رمضان تعدل حجة»(43) ولم يذكر النبي صلى
الله عليه وسلّم الإقامة هناك.. ولكن لا شك أن الإقامة في مكة أفضل من
الإقامة في غيرها، لكن لغير الإنسان الذي له عمل مرتبط به أمام حكومته،
وواجب عليه أن يقوم به، فنصيحتي لهؤلاء إذا شاءوا أن يؤدوا العمرة أن
يذهبوا إليها وأن يرجعوا منها بدون تأخُّر؛ ليقوموا بما يجب عليهم نحو
إخوانهم وولاة أمورهم.

س48: يعتقد بعض الناس أن العمرة في رمضان أمر واجب على كل مسلم لابد أن يؤديه ولو مرة في العمر، فهل هذا صحيح؟
ج48:
هذا غير صحيح. والعمرة واجبة مرة واحدة في العمر، ولا تجب أكثر من ذلك،
والعمرة في رمضان مندوب إليها؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلّم قال: «عمرة
في رمضان تعدل حجة».

نسأل
الله تعالى أن يوفقنا وإخواننا المسلمين لما يحب ويرضى، إنه جواد كريم،
والحمد لله رب العالمين، وأُصلي وأُسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه
أجمعين.



(1) رواه البخاري 1901 ومسلم 1731.
(2) رواه مسلم بنحوه 2874 كتاب الجنة.
(3) رواه ابن اسحاق كما في السيرة النبوية لابن هشام 4/78 ورواه ابن سعد في الطبقات 2/141،142.
(4) رواه البخاري 1903-6057.
(5) رواه أبو داوود 2367.
(6) رواه البخاري 1959.
(7) رواه مسلم 2686.
(8) رواه البخاري 1147-3569 ومسلم 1670.
(9) رواه أبو داوود 1375 والترمذي 806 وصححه الألباني.
(10) رواه البخاري 704 ومسلم 972.
(11) سبق تخريجه.
(12) رواه البخاري 1905 ومسلم 3379.
(13) رواه البخاري 1900 ومسلم 2471.
(14) رواه البخاري 1909 ومسلم 2481وما بعده.
(15) سبق تخريجه.
(16) سبق تخريجه.
(17) سبق تخريجه.
(18) سبق تخريجه.
(19) رواه البخاري 1954 ومسلم 2526.
(20) سبق تخريجه.
(21) رواه الترمذي 697 وصححه الألباني.
(22) رواه البخاري 1 ومسلم 4962.
(23) رواه البخاري تعليقا كتاب البيوع باب تفسير المشبهات.
(24) رواه أبو داوود 2342 وصححه الألباني في الإرواء 908.
(25) رواه البخاري 2409 ومسلم 1829.
(26) رواه البخاري 5048 كتاب فضائل القرآن ومسلم 793 كتاب صلاة المسافرين.
(27) سبق تخريجه.
(28) رواه البخاري 1902 كتاب الصوم ومسلم 2308 كتاب الفضائل.
(29) رواه البخاري 1918.
(30) رواه مسلم 6878.
(31) سبق تخريجه.
(32) سبق تخريجه.
(33) رواه البخاري 401 كتاب الصلاة ومسلم 572 كتاب المساجد.
(34) سبق تخريجه.
(35) سبق تخريجه.
(36) رواه البخاري 990 ومسلم 1695.
(37) رواه مسلم 4514.
(38) سبق تخريجه.
(39) رواه البخاري 6008 كتاب الأدب.
(40) رواه الترمذي 788 كتاب الصوم والنسائي 87 كتاب الطهارة وصححه الألباني.
(41) رواه أحمد 6/47-62-124 والنسائي 5 كتاب الطهارة وصححه الألباني.
(42) رواه البخاري 887 ومسلم 510.
(43) رواه البخاري 1863 كتاب جزاء الصيد.

https://raveltime.yoo7.com

king mishary

king mishary
مدير المنتدى
مدير المنتدى

و الله ما قصرت وانشاء الله جعله في ميزان حسناتك

الرجوع الى أعلى الصفحة  رسالة [صفحة 1 من اصل 1]

صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى