ازيكم ..
كنت عاوز أسأل عن رد فعل حضراتكم لما تقرأوا بعض مقولات سلفنا الصالح اللي زي دي :
" إنه لتمر بي أوقات أقول إن كان أهل الجنة في مثل هذا , إنهم لفي عيشٍ طيب "
و قول آخر :
" لو يعلم الملوك وأبناء الملوك ما نحن فيه لجالدونا عليه بالسيوف."
بالنسبة لي , المقولات اللي زي دي كانت بتسبب لي شعور غريب ,
مش عارف هو إيه بالظبط !!
يعني تقدر تقول إنه شعور بغيرة ناتج عنها نرفزة و شوية مشاعر تانية كده ,
علشان أصلا مش ( حاسس ) باللي هم حاسين بيه ,
و نفسي أعرف إيه اللي هم فيه ده و مخليهم مبسوطين و مستريحين كده ؟؟
و اشمعنا هم يعني عارفين يعيشوا سعداء و مطمئنين كده ؟؟
على رغم مشاكلهم و محنهم و ابتلاءاتهم و فقرهم , و أنا لأ ؟؟
هو مش كلنا مسلمين و بنعبد إله واحد زي بعض و لا إيه ؟؟
و الإجابة اللي كنت بلاقيها هي :
إن إيمانهم قوي
بس برضه ببقى مش فاهم !!
يعني إيه برضه إيمانهم قوي يعني ؟؟
و إزاي يعني إيمانهم قوي ؟؟
و بيعملوا إيه علشان يبقى إيمانهم قوي ؟؟
و إيمانهم لما بيبقى قوي بيخليهم مبسوطين إزاي ؟؟
مش هو الإيمان أن تؤمن بالله و ملائكته و كتبه و رسله و اليوم الآخر و القدر خيره و شره ؟؟
طب ما احنا عارفين يا عم و مؤمنين بالحاجات دي كلها ,
طب اشمعنا احنا مش عايشيين زيهم ؟؟
و طبعا كالعادة ,
الواحد للأسف مش بيركز في أمور دينه و مش بيهتم بيها زي أمور دنياه ,
فتركت الموضوع ( على ما تُفرج ) و خلاص ,
و في يوم من الأيام ,
كنت قاعد مع زمايلي بنرغي في في شوية حاجات كده ,
و التلفزيون شغال على قناة العفاسي للقرآن
و كالعادة طبعا ما كناش مركزين معاه ,
لكن لقينا الشيخ بيبكي في القراءة ,
فكان رد فعلنا الطبيعي إننا انتبهنا للتلفزيون و بصينا هو إيه الآية اللي بيبكي فيها دي ؟؟
فكانت هذه الآية :
{ قال آمنتم له قبل أن آذن لكم إنه لكبيركم الذي علمكم السحر
فلأقطعن أيديكم وأرجلكم من خلاف ولأصلبنكم في جذوع النخل
ولتعلمن أينا أشد عذابا وأبقى ( 71 )
قالوا لن نؤثرك على ما جاءنا من البينات والذي فطرنا
فاقض ما أنت قاض إنما تقضي هذه الحياة الدنيا ( 72 )
إنا آمنا بربنا ليغفر لنا خطايانا وما أكرهتنا عليه من السحر والله خير وأبقى ( 73 ) } [طه]
الواحد انتبه مرة تانية ,
إيه الكلام ده بقى ؟؟
ده شبه الكلام اللي فوق بتاع عيشٍ طيب و كده
و السحرة دول طلعوا مش هاممهم حاجة و لا فارقة معاهم ,
بيقولوا : اعمل اللي تعمله ,
انت آخرك معانا في الدنيا , و الدنيا هتخلص كده كده , و الله خيرٌ و ( أبقى )
افتكرت ساعتها الآية الثانية في نفس القصة - قصة موسى و فرعون - :
{ قال آمنتم له قبل أن آذن لكم إنه لكبيركم الذي علمكم السحر فلسوف تعلمون
لأقطعن أيديكم وأرجلكم من خلاف ولأصلبنكم أجمعين ( 49 )
قالوا لا ضير إنا إلى ربنا منقلبون ( 50 )
إنا نطمع أن يغفر لنا ربنا خطايانا أن كنا أول المؤمنين ( 51 ) } [الشعراء]
إيه الرد القوي الواثق ده ؟؟
{ لا ضير , إنّا إلى ربنا منقلبون }
مش مشكلة , احنا كده كده راجعين لربنا في الآخر ,
ظلت هذه الآية : { لا ضير , إنّا إلى ربنا منقلبون } ,
في راسي وقت كتير قوي
و قعدت أفكر فيها كتير ,
فعلا مافيش أي مشكلة , طالما الحياة ليست ممتدة إلى الأبد ,
و في الآخر راجعين لربنا ,
يبقى مافيش هم و لا مصيبة و لا ظلم غير منتهي ,
كله هينتهي في الآخر و هنرجع لربنا .
المهم وقع في يدي كتاب للشيخ ياسر برهامي بعنوان " أعمال القلوب "
بعد ما قرأت الكتاب عرفت إن الفرق كبيييييييير جدا ,
بيننا و بين سحرة فرعون المؤمنين , و السلف الصالح ,
لأن الإيمان مكون من أربعة أشياء :
- قول القلب : وهو تصديقه وإقراره .
- عمل القلب : وهو النية والإخلاص، ويشمل هذا انقياده وإرادته،
وما يتبع ذلك من أعمال القلوب كالتوكل والرجاء والخوف والمحبة.
- إقرار اللسان : وهو قوله والنطق به.
- عمل الجوارح : والعمل يشمل الأفعال والتروك قولية وفعلية.
و تقريبا الإيمان اللي عند كل واحد فينا الا من رحم الله هو مجرد إقرار اللسان
بأنه يؤمن بالله و ملائكته و كتبه و رسله و اليوم الآخر و القدر خيره و شره ,
و أحيانا بيبقى معاه قول القلب و تصديقه و إقراره ,
لكن اللي فرق إيمانهم عن إيماننا هو ( عمل القلب )
إنهم فعلا فهموا معنى أركان الإيمان دي , و تيقنوا منها ,
مش مجرد إنهم عرفوها -قول القلب- و رددوها -قول اللسان- ,
لكن فعلا تيقنوا منها , و خضعوا لها ,
استطاعوا أن يطبقوها على أعمالهم و جوارحهم ,
زي ما رسول الله - صلى الله عليه و سلم - لابن عباس :
(( واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء ، لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك ،
وإن اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك ،
رُفِعت الأقلام وجفت الصحف ))
[ الراوي:عبدالله بن عباس - المحدث: الترمذي - المصدر: سنن الترمذي -
الصفحة أو الرقم: 2516 - خلاصة حكم المحدث:صحيح ]
و كما قال تعالى على لسان هود - عليه السلام - :
{ إني توكلت على الله ربي وربكم
ما من دابة إلا هو آخذ بناصيتها
إن ربي على صراط مستقيم ( 56 ) } [هود]
" فلا تتحرك ولا تسكن إلا بإذنه
فلو اجتمعتم جميعا على الإيقاع بي ,
والله لم يسلطكم عليَّ , لم تقدروا على ذلك ,
فإن سلطكم , فلِحكمةٍ أرادها. " [تفسير السعدي]
فعلا , لو الواحد آمن حق الإيمان و تيقن تمام اليقين ,
أنه ما من شيء مخلوق على الأرض إلا و الله آخذ بناصيته ,
و متحكم فيه و لا يقدر على فعل شيء إلا بإذنه ,
يبقى هيعيش مطمئن و مش هيجزع من المصائب ,
فلو كان مثلا الدكتور مستقصدك في الكلية علشان لحيتك أو نقابِك
أو كان صاحب البيت ليه قرايب مهمين و عاوز يطردك ,
و لو كان لابسك عفريت مخليكي مش عارفة تتجوزي مثلا ,
أو مديرك في الشغل بيستقصدك و عاوز يرفدك علشان يعيِّن بنت أخوه !!
أو .....
أو أي حد متسلط عليك و ظالمك ,
فاعلم أن الله يعلم ما أنت فيه ,
و أن الله يستطيع أن يدفعه عنك ,
لكن الله ( سمح له ) أن يتسلط عليك و يظلمك لحكمةٍ أرادها الله عز و جل ,
و قضاء الله للمؤمن كله خير , و ليس ذلك لأحدٍ إلا المؤمن .
نسأل الله أن يقوي الإيمان في قلوبنا ,
و أن يقلب قلوبنا إلى طاعته ,
و ألا يكلنا لأحدٍ غيره ,
و أن يعلمنا ما ينفعنا و ينفعنا بما علمنا ,
و ألا يجعلنا كالحمير تحمل أسفارا و لا تنتفع بها ,
جزاكم الله خيرا ,
و لا تنسونا بالله عليكم من دعوةٍ صالحة من القلب بظهر الغيب
أن يُصلِح الله شأننا كله , و يغفر لنا و يتوب علينا و يوفقنا لما يحب و يرضى .
منقول