قصيدة: يا من غادر السفينة..!!
كان بالأمس على الشطِّ يستنقذ الغرقى، فكيف أصبح بينهم يصارع الأمواج؟!!..
صالح بن علي العمري
رضيت بالدونِ؟! أم أسلمت للنكدِ ؟! *** أم السرابُ ابتلى عينيك بالرَّمد؟!
أم هل بلغت المنى..والشمس ما وقفت *** والعمر متصلٌ و الدرب في مددِ؟!
أم هزّك البغي و الأيام دائرةٌ *** والحق يعلو على الأعداد والعُددِ؟!
هل نغصتك البلايا و هي زائلةٌ *** واستهلكت ما زها في القلب من جلدِ؟!
لاتحسبنّ الهوى ينجيك من كبدٍ *** فإنما خُلق الإنسان في كبد!!..
و جنّة الخلد تنسي كل مسغبةٍ *** أنعم بذاك النعيم الناضر الأبدي
هل بات يلهيك ما يلهيك من مُتعٍ ؟! *** فاذكر بربك ما تلقاه بعد غدِ
أم هل تغشّاك قُطاع الطريقِ ضحىً *** وحبلهم- يا أخي في الله- من مسدِ
أم هل غُررت بكْثر الساقطين هنا؟! *** فالحق لا يبتغى من كثرة العدد
دنيا تربّت على التنغيص فالتصقت *** بطبعها.. كالتصاق الروح بالجسد
محبوبة قوتها وجدان عاشقها *** أعوذُ بالله من نفاثّة العقدِ
تزينت لاصطياد القوم وابتسمت *** والسمُّ في ثغرها فوق اللهاة ندي
يا أنتَ:أين المُنى اللاتي شمخت بها *** فأعظم الذنب إزهاق المُنى بيدي
غشاوة الدرب في عينيكَ شاهدةٌ *** أنّ السقام اجتوى جنبيك من أمدِ..
والنفس كالموج تستهوي الرياح به *** والذئب يغريه قاصي البهم بالرصدِ
والفقر بعد الغنى ذلٌّ و مسكنةٌ *** والغيُّ بعد الهدى عارٌ إلى الأبدِ
و كلُّ نفس أُهينت بعد عزّتها *** فليتها قبلُ لم تعزز و لم تسدِ
قد كان لي فيك آيات و موعظةٌ *** تزفُّ وبل الرضا بردا على كبدي
و كنتَ عند حدود الله ذا وجلٍ *** فما لك اليوم لا تلوي على أحدِ
أين التلاوة و العبرات مسبلةٌ *** أين الأحاديث ذات المتن والسند ؟!
أين العلوم التي أسدتك رونقها *** وذقت ما ذقته من عيشها الرَّغِدِ؟!
ما لي أراك كسيف الطرف منهزما *** وكنتَ بالأمس ترياقا لكلِّ صدي
ماذا أُسطرُ و الآياتُ بيّنةٌ ؟! *** و أنت تعلم ما يلتاع في خلدي
لكن تناجيك أشجاني.. و معذرتي *** أنّي محبٌ رماه الحزنُ بالفندِ
إن لم يكن في الفؤاد الحرِّ من قبسٍ *** فليس يجديك ما أعددتُ من عُددي..
فخشية الله أطواق النجاة ، وما *** يغني النفوس بهاءُ المالِ و الولدِ
لمّا سقطتَ أمامي وانجلى بصري *** عزّيتُ نفسي وثار الخوف في أودي
واحلولكت كلمات البشر في شفتي *** وأظلم الكون في عيني على عَمَدِ
ومهجتي وُترت.. فالنفسُ بائسةٌ *** كأنها قبلُ لم تبسمْ و لم تزدِ !!
أأنت من يشتري الدنيا بآخرةٍ؟! *** ويصطفي الزيف والبهتان بالرشدِ ؟!
قد كنتَ بالأمس في درب التقى علما *** فلا تك اليوم تمثالا لكلِ ردي ..
عُرى العقيدة جلّت عن مساومةٍ *** ما قيمتي في الملا من غير معتقدي؟!
قد كنتُ أبقيك للخطب الجليل فمن *** لغيهب الغمِّ و البأساءِ و الكمد ؟!!
إبليسُ يغرينِ و الأهواءُ عارمةٌ *** إني أعوذ بوجه الواحد الصمدِ
يا مالك الملك يا من عزّ عابدهُ *** يا من سمكت زواياها بلا عمدِ
ثبّت فؤادي .. وكفّر كلّ معصيةٍ *** مالي سوى ملجأي بالواحد الأحدِ
يا صنو نفسي: دروب الشكِّ شائكةٌ *** بلا ركوبٍ و لا زادٍ و لا مددِ
والله يفرح إن تاب المسيءُ له *** وباب رحماه مفتوحٌ إلى أمدِ
و للهداية هبّات مقدّرةٌ *** وفرصة العمر قد تمضي ولا تعدِ
إنّ اللآلي تبقى و هي غاليةٌ *** وإنما تعصف الأمواج بالزبدِ !!..
مجلّة البيان (154)
كان بالأمس على الشطِّ يستنقذ الغرقى، فكيف أصبح بينهم يصارع الأمواج؟!!..
صالح بن علي العمري
رضيت بالدونِ؟! أم أسلمت للنكدِ ؟! *** أم السرابُ ابتلى عينيك بالرَّمد؟!
أم هل بلغت المنى..والشمس ما وقفت *** والعمر متصلٌ و الدرب في مددِ؟!
أم هزّك البغي و الأيام دائرةٌ *** والحق يعلو على الأعداد والعُددِ؟!
هل نغصتك البلايا و هي زائلةٌ *** واستهلكت ما زها في القلب من جلدِ؟!
لاتحسبنّ الهوى ينجيك من كبدٍ *** فإنما خُلق الإنسان في كبد!!..
و جنّة الخلد تنسي كل مسغبةٍ *** أنعم بذاك النعيم الناضر الأبدي
هل بات يلهيك ما يلهيك من مُتعٍ ؟! *** فاذكر بربك ما تلقاه بعد غدِ
أم هل تغشّاك قُطاع الطريقِ ضحىً *** وحبلهم- يا أخي في الله- من مسدِ
أم هل غُررت بكْثر الساقطين هنا؟! *** فالحق لا يبتغى من كثرة العدد
دنيا تربّت على التنغيص فالتصقت *** بطبعها.. كالتصاق الروح بالجسد
محبوبة قوتها وجدان عاشقها *** أعوذُ بالله من نفاثّة العقدِ
تزينت لاصطياد القوم وابتسمت *** والسمُّ في ثغرها فوق اللهاة ندي
يا أنتَ:أين المُنى اللاتي شمخت بها *** فأعظم الذنب إزهاق المُنى بيدي
غشاوة الدرب في عينيكَ شاهدةٌ *** أنّ السقام اجتوى جنبيك من أمدِ..
والنفس كالموج تستهوي الرياح به *** والذئب يغريه قاصي البهم بالرصدِ
والفقر بعد الغنى ذلٌّ و مسكنةٌ *** والغيُّ بعد الهدى عارٌ إلى الأبدِ
و كلُّ نفس أُهينت بعد عزّتها *** فليتها قبلُ لم تعزز و لم تسدِ
قد كان لي فيك آيات و موعظةٌ *** تزفُّ وبل الرضا بردا على كبدي
و كنتَ عند حدود الله ذا وجلٍ *** فما لك اليوم لا تلوي على أحدِ
أين التلاوة و العبرات مسبلةٌ *** أين الأحاديث ذات المتن والسند ؟!
أين العلوم التي أسدتك رونقها *** وذقت ما ذقته من عيشها الرَّغِدِ؟!
ما لي أراك كسيف الطرف منهزما *** وكنتَ بالأمس ترياقا لكلِّ صدي
ماذا أُسطرُ و الآياتُ بيّنةٌ ؟! *** و أنت تعلم ما يلتاع في خلدي
لكن تناجيك أشجاني.. و معذرتي *** أنّي محبٌ رماه الحزنُ بالفندِ
إن لم يكن في الفؤاد الحرِّ من قبسٍ *** فليس يجديك ما أعددتُ من عُددي..
فخشية الله أطواق النجاة ، وما *** يغني النفوس بهاءُ المالِ و الولدِ
لمّا سقطتَ أمامي وانجلى بصري *** عزّيتُ نفسي وثار الخوف في أودي
واحلولكت كلمات البشر في شفتي *** وأظلم الكون في عيني على عَمَدِ
ومهجتي وُترت.. فالنفسُ بائسةٌ *** كأنها قبلُ لم تبسمْ و لم تزدِ !!
أأنت من يشتري الدنيا بآخرةٍ؟! *** ويصطفي الزيف والبهتان بالرشدِ ؟!
قد كنتَ بالأمس في درب التقى علما *** فلا تك اليوم تمثالا لكلِ ردي ..
عُرى العقيدة جلّت عن مساومةٍ *** ما قيمتي في الملا من غير معتقدي؟!
قد كنتُ أبقيك للخطب الجليل فمن *** لغيهب الغمِّ و البأساءِ و الكمد ؟!!
إبليسُ يغرينِ و الأهواءُ عارمةٌ *** إني أعوذ بوجه الواحد الصمدِ
يا مالك الملك يا من عزّ عابدهُ *** يا من سمكت زواياها بلا عمدِ
ثبّت فؤادي .. وكفّر كلّ معصيةٍ *** مالي سوى ملجأي بالواحد الأحدِ
يا صنو نفسي: دروب الشكِّ شائكةٌ *** بلا ركوبٍ و لا زادٍ و لا مددِ
والله يفرح إن تاب المسيءُ له *** وباب رحماه مفتوحٌ إلى أمدِ
و للهداية هبّات مقدّرةٌ *** وفرصة العمر قد تمضي ولا تعدِ
إنّ اللآلي تبقى و هي غاليةٌ *** وإنما تعصف الأمواج بالزبدِ !!..
مجلّة البيان (154)