كان هذا الرجل ابن عم فرعون وكان قبطياً يخفي إيمانه
ولكن لما تجلى الصراع بين فرعون الطاغي وبين موسى النبي
تحركت غيرة الايمان في قلبه وخرج عن صمته وواجه الموت بكل بساله
{ وَقَالَ رَجُلٌ مُّؤْمِنٌ مِّنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمَانَهُ أَتَقْتُلُونَ رَجُلاً أَن يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ }
هنا هذا المدخل الذي بدأ به { أَتَقْتُلُونَ رَجُلاً أَن يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ وَقَدْ جَاءكُم بِالْبَيِّنَاتِ مِن رَّبِّكُمْ وَإِن يَكُ كَاذِباً فَعَلَيْهِ كَذِبُهُ وَإِن يَكُ صَادِقاً يُصِبْكُم بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ كَذَّابٌ }
أين إنسانيتكم؟ أين رحمتكم؟ أين منطقكم؟ لماذا تقتلون رجلاً لمجرد
أن يقول: { رَبِّيَ اللَّهُ } وهنا بالمناسبة يضمنها دعوة كأنه يقول
لهم: أنتم تقولون فرعون والعياذ بالله هو الله، إذا كنتم اتخذتم
فرعون إلهاً فقد اتخذ موسى إلهاً آخر، فلماذا تنكرون عليه ما تبيحونه
لأنفسكم، مع أنه حق وأنتم باطل.
ثم يأتي أيضاً مرة أخرى بدعوة منهجية { أَتَقْتُلُونَ رَجُلاً أَن يَقُولَ رَبِّيَ
اللَّهُ وَقَدْ جَاءكُم بِالْبَيِّنَاتِ مِن رَّبِّكُمْ } هل قضيتكم معه حجة وبرهان،
انتبهوا!
ثم دعوة عقلية. أين عقولكم أيها الناس؟ إن كان كاذباً فهل سيضركم
شيء؟ لن يضرهم، لكن إن كان صادقاً وعاديتموه فستكون لكم عاقبة
وخيمة هنا وعذاب في الآخرة، لذا زعزعهم وضعضعهم واستمالهم
وقربهم، وشككهم فيما هم عليه، فكان لسان حق وقول حق في
مكان عظيم لكنه كان حكيماً، لم يكن مندفعاً، ولم يكن عاطفياً، بل
كان منهجياً وكان عقلياً، وكان كذلك مصلحاً صالحاً، ولنا معه عندما
نرى هذا المعنى بداية دورنا، وكيف نمارسه،
نسأل الله عز وجل أن يجعلنا بكتابه مستمسكين، ولهدي رسوله صلى
الله عليه وسلم متبعين، ولآثار السلف الصالح مقتفين
جل الاحترام