الصلاة والسلام علي اشرف الانبياء والمرسلين
يقول المسيحي:
قد تستغرب عزيز القارئ من العنوان لكن
أرجو صبرك لنتابع معاً سبب طرحه....
جاء في القرآن:{وهو الذي مد الارض وجعل فيها رواسي.....}الرعد(3)
{والارض فرشناها فنعم الماهدون}الذاريات(48)
{والارض مددناها وألقينا فيها الرواسي....}ق(7)
وبعد مراجعة تفاسير أهل السنة وأمهات التفاسير
وجدتُ المفردات:مدَّ,فرشناها,دحي,بسطناها,مهد....الخ
أو تصريفات لتلك المفردات(المهم)
كُلها تدل على أن الارض ليست كرة!!!إنما [size=21]بسيطة
وقد جاء هذا في (البحر المحيط/ابو حيان(ت754ه)
ومد الارض:بسطها طولاً وعرضاً ليمكن التصرف فيها والاستقرار عليها.
قيل:مدها ودحاها من مكة من تحت البيت فذهبت كذا وكذا.
وقيل: كانت مجتمعة عند بيت المقدس فقال لها اذهبي كذا وكذا.
قال ابن عطية:وقوله مد الارض:يقتضي أنها
بسيطة لا كرة وهذا هو ظاهر الشريعة.
وفي وقت ما تبيَّن أن الارض كروية فماذا قال
المفسرين في أنها ليست بسيطة إنما كرة؟!!نتابع:
تفسير البحر المحيط/ابو حيان(ت754هـ)
قال أبو عبد الله الداراني:ثبت بالدليل أن الارض كرةولا
ينافي ذلك قوله:مد الارض وذلك أن الارض جسم عظيم
والكرة اذا كانت في غاية الكبر كان قطعة منها
تُشاهد كالسطح والتفاوت بينه وبين السطح لا يحصل
إلا في علم الله تعالى.
وأكَّد هذا تفسير غرائب القرآن ورغائب الفرقان/القمي النيسابوري(ت728هـ)
فقال:{وهو الذي مد الارض}قال الأصم:
أي بسطها الى ما لايدرك منتهاه وهذا الامتداد الظاهر
لحس النظر لا ينافي كريتها لتباعد أطرافها.
فإذاً بعض المفسرين يجدون أن لا مشكلة
في كون الارض بسيطة وكرة
فماذا قال الخازن:
لباب التأويل في معاني التنزيل/الخازن(ت725هـ)
قوله تعالى:{وهو الذي مد الارض}لما ذكر الدلالة
على وحدانيته وكمال قدرته وهي رفع السماوات بغير عمد
وذكر أحوال الشمس والقمر أردفها بذكر الدلائل الارضية فقال:
وهو الذي مد الارض أي بسطها على وجه الماء وقيل:
كانت الارض مجتمعة فمدها من تحت البيت الحرام
وهذا القول إنما يصح اذا قيل إن الارض منسطحة كالأكف
وعند أصحاب الهيئة:الارض كرة ويمكن أن يقال:
إن الكرة اذا كانت عظيمة فكل قطعة منها تُشاهد ممدودة
كالسطح الكبير العظيم فحصل الجمع ومع ذلك فالله تعالى قد أخبر أنه مد الارض
وأنه دحاها وبسطها وكل ذلك يدل على التسطيح
والله تعالى أصدق قيلاً وأبين دليلاً من أصحاب الهيئة
النكت والعيون/الماوردي(ت450هـ):
قوله عز وجل:{وهو الذي مدَّ الارض}أي بسطها للاستقرار عليها
ردّاً على من زعم أنها مستديرة كالكرة
وفتح القدير/الشوكاني:{والارض فرشناها فنعم المهدون}
وفيه رد على من زعم أنها كالكرة
والجامع لأحكام القرآن/القرطبي(ت671هـ)
مسألة:في هذه الآية رد على من زعم أن الارض كالكرة
فما رأيك عزيزي القارئ؟!!!
اخواني الرد بسيط ولو ذهبتوا وبحثتوا في تفاسير كبار المفسرين مثل القرطبي وابن كثير والطبري فسوف بنطبق هذا الكلام عليها
مد الأرض وبسطها يقتضي تكويرها؛ لأن أي شكل هندسي آخر (مثلث، مربع، خماسي..) لابد أن يكون فيه انحناء عند الانتقال من ضلع إلى آخر..
انظر الشكل التالي ويمثل عدة أشكال هندسية، وتم التعبير عن كل ضلع بحرف خاص (أ، ب، ج ..) عدا الدائرة؛ فليس لها أضلاع.
كما أن في التعبير القرآني المعجز عن انبساط وامتداد الأرض التقاء للحقيقتين الحسية المشاهَدة، والعلمية:
فهي من حيث العين المبصرة: ممتدة ومنبسطة مما يسهل الحياة عليها.. فلو كانت ذات أي شكل هندسي غير الدائرة، لرأيت انحناءها وأنت واقف على أحد أضلاعها.
وهي من حيث الاكتشافات العلمية:دائرية، لأن الشكل الدائري يدل على بسطها. فالدائرة هي الشكل الهندسي الوحيد الذي يمكن أن تكون الأرض فيه ممدودة في كل نقطة تقف عليها منها.
ولم يثبت أن شوهِد أحد ينحني طريقه وهو يسير على الأرض في أي من بقاعها، كما ينحني طريق من يسير من ضلع (أ) إلى (ب).[7]
فمن تذليل الله Yللحياة على سطح الأرض تكويرها، فلولا كرويتها لاستحالت الحياة عليها. كما أن النعامة تدحي مكان عشها وتسويه لتجعله ميسراً ممهداً لوضع البيض، فلولا ذلك لكسر البيض.
ولا يُعقَل أن ( تبسط) النعامة الأرض، فتصبح منبسطة كالمرآة، لتضع بيضها؛ وإلا سيتدحرج بعيداً، ولما استطاعت جمعه لحضنه، وما أمنت عليه من الأعين، وعاديات الزمان والمكان.
كيف وإن كانت النعامة تضع بيضها بالطول[8]ـ وذلك حتى يتوزع دفء الحَضْن على أكبر مساحة من بيضتها الأكبر بين البيوض ـ كل هذه الاعتبارات، تقتضي أن لا يكون عش النعامة سوى حفرة في الأرض..
أي: نصف كرة سفلي ( بحسب الناظر من الأعلى إلى الأسفل )
انظر الصورة التالية:[9]
ومن هنا يتبين أن النعامة تدحي ( تهيء ) الأرض الصلبة لاستقبال البيض فلا يتكسر عند وضعه، وتكون ملائمة لحفظه عن العيون وحَضنِهِ وعدم تدحرجه.. وما يكون ذلك إلا بضرب رجلها على الأرض الصلبة وتقعيرها إلى الداخل، صانعة العش.
ذلك العش الذي يبدو للناظر ـ غير المدقق ـ أنه مستوٍ وهو في الحقيقة متقعر نحو الأسفل. وهنا وجه الشبه بين الأرض والدحية..
ووجه شبه آخر: أن الأرض أيضاً قد دحاها ( هيأها ) الله Yللخليفة على الأرض، فهي حاضنته الرؤوم، الذي لولا تلك التهيئة لما استطاع العيش عليها.
إذاً: لو كان عش النعامة مستوٍ لما استطاعت حضن البيض، ولو باضت على الأرض الصلبة قبل ضربها برجلها جاعلةً منها تراباً ناعماً، لتكسر البيض...
كما لو كانت الأرض كلها مستوية مسطحة، لما أمكن للأرض أن تحتضن الماء على سطحها بأي شكل (بحار وأنهار وسيول...). ولو كانت الأرض صلدة بلا تراب، لما أنبتت المرعى..
صدق الله العظيم حيث يقول في سورة النازعات: " وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا (30) أَخْرَجَ مِنْهَا مَاءَهَا وَمَرْعَاهَا (31) ".
ومن الأدلة الأخرى على كروية الأرض في القرآن الكريم:
1. قوله تعالى: " خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهَارِ وَيُكَوِّرُ النَّهَارَ عَلَى اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى أَلَا هُوَ الْعَزِيزُ الْغَفَّارُ " [الزمر: 5].
تبين الآية الكريمة أن الليل والنهار خلقا على هيئة التكوير، وبما أن الليل والنهار وجدا على سطح الأرض معاً، فلا يمكن أن يكونا على هيئة التكوير، إلا إذا كانت الأرض نفسها كروية. [10]
ولو أن البقعة التي يغطيها النهار لا تساوي في المساحة القطعة التي يغطيها الليل، لما شكلا معاً شكل كرة؛ بل الشرط الرفيع الفاصل بينهما سيكون على شكل هندسي آخر ـ بحسب مساحته على سطح الأرض ـ. وهنا التعبير المعجز الدقيق:" يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهَارِ وَيُكَوِّرُ النَّهَارَ عَلَى اللَّيْلِ "أي: نصف الكرة الأرضية نهار، والنصف الآخر ليل.
2. قوله تعالى: " وَهُوَ الَّذِي مَدَّ الْأَرْضَ وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْهَارًا وَمِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ جَعَلَ فِيهَا زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ " [الرعد: 3].
قال الرازي: " المد هو البسط إلى ما لا يدرك منتهاه، فقوله: " وَهُوَ الَّذِي مَدَّ الْأَرْضَ ". يشعر بأنه تعالى جعل حجم الأرض حجماً عظيماً لا يقع البصر على منتهاه، لأن الأرض لو كانت أصغر حجما مما هي الآن عليه لما كمل الانتفاع به... والكرة إذا كانت في غاية الكبر، كان كل قطعة منها تشاهد كالسطح ".[11]
قول الإمام الرازي هذا، يبين استباط علماء المسلمين أن الأرض كروية، من خلال الآية الكريمة.[12]
3. قوله تعالى: " أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا وَاللَّهُ يَحْكُمُ لَا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ وَهُوَ سَرِيعُ الْحِسَابِ " [الرعد: 41].وقوله: " أَفَلَا يَرَوْنَ أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا أَفَهُمُ الْغَالِبُونَ " [الأنبياء: 44].
وهذا ظاهر للذي يسير من وسط الأرض إلى أيٍّ من أطرافها، ولا يكون إلا في الشكل الكروي.